الأحد، 2 فبراير 2014

أنا أخاف الظلام، لكني أخشى الجوع أكثر

كتب مُخاطِباً أمه:
أماه يا حبيبتي، هذا الليل حالك السواد، عيناي تكادان لا تُبصران سِوى دموع أخي الصغير، أماه، انظري أخي يبكي، اسمعي أنينه، أماهُ أخي جائع مثلي وإني يا أمي الحنون أخشى الجوع أكثر من خوفي من ظُلمة الليل هذِه، أخاف أن يُغيّرني الجوع، فأستلذ بمال الآخرين ولا أسعى لنيل المال الحلال، زوجة أبي قالت بأنني أصغر من أن أعمل في مكانٍ ما وأكبر من أن تُطعمني بنفسها، أخبرتها أنني لا أريد منها أن تُطعمني ولا أن تطهو لي شيئاً، طلبتها أن تتركني وشأني ولا تظلمني بحرمانها إياي من نيل حقي ممّا يجلبه لنا أبي من طعامٍ أو شرَاب، رمقتني بنظرة ساخرةٍ غاضبةٍ ثائرة ثم ضحكت وقالت: اشكُني إلى أبيك إن استطعت، آه يا أمي، إنه اليوم الثالث منذ أن سافر أبي، هي لا تدعه يحادثنا على الهاتف فكيف ستسمح لي أن أشكو لهُ جورها وظُلمها وقسوتها؟ كيف سأخبره بضعفي من شدة الجوع؟ كيف سأحتمِل مجاعة المأكلِ والمشرب والمشاعِر؟ أماه، ستقرأين شكواي أليس كذلِك؟ تعدينني؟
أغلق رسالته وقد بللها بدموعه، وضعها تحت الوسادة ونــــــام

هُناك، على بُعد نهْريْن وبحر، يغط أباه في نومٍ عميـــق فتأتيه زوجته الراحِلة على هيئة ملاك:
فلذتا كبدي يكادان يهلكان من شدة الجوع، لم أكُن لأمنعك من الزواج ولكِنّي سأمنعك من أن تُهمل اِبنيْ وتُسلّمهما ليد زوجة أبٍ لا ترحم، أنا لا أطيق رؤية اِبنيّ وهما مُحاطان بالهموم والأحزان، وهما يُصارعان كل أنواع الجوع والآلام، سأدعو رب الجنة التي أقطن أن يجلبهما لي، وأنتَ ابقَ في دُنيا الجوْر تأكلك الهموم وتحيطك الأحزان وصورة اِبنيّ الصغيرين لا تُغادر عينيك التي ستبيضّ من الحُزن حتماً، لن تكون كظيماً، لن تكون أيوبِيْ البلاء، أنا لن أُسامحك ورب العزة سيفعل فيك ما يشاء

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...