الجمعة، 20 يونيو 2014

رسالة صباحية

صباح الخير أيها العزيز، ما أحلى الصباح إن كنتَ أول مَن زار فِكري فيه، وما أبهاه إن ابتدأته بكتابة رسالة إليك، من أين أبدأ؟ غدًا أول اختبار لي في آخر سنة دراسية في كلية الهندسة، وما إن أنتهي من الاختبارات وحفل التخرج حتى أبدأ بالاستعداد لاستقبال مولودي البِكر، مولود.. نعم إنه مولود ذكر، هكذا قالت ليَ الطبيبة وقد ارتسمت ابتسامة جميلة على شفتيها، أتعلم؟ لم نختر له اسمًا بعد، أردته "محمد" وأراده زوجي "علي"، سمعتنا خالتي نتناقش حول الاسم فاختارت له "مُحسِن"، عمي يريد أن يُسمّيه "خالد" لأنه يؤمن بأنه لكل امرء من اسمه نصيب، وإن كان خالدًا فسيُخلّد، أعجبني منطق عمي لكنني لا زلتُ مُصرّة على تسميته بإسم الحبيب مُحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، مؤخرًا لم نعد نتحدث في أمر تسميته، لربما جاء مُسمّىً، أعني.. لو وُلِد في مناسبة ما فسيجيء اسمه معه، لا عليك.. سأعلمك ببقيّة أخبارنا، أختي فاطِمة قُبِلت في كلية الحقوق وستبدأ مسيرتها الدراسية بعد ثلاثة أشهر، يتملّكها الحماس لخوض مغامرة الدراسة الجامعية ويتملّكني بعض الخوف، أخاف عليها من شدة الحماس، قد يتحوّل إلى احباط شديد، مممم وقد يتحول إلى مجهود تُشكَر عليه ونتائج تفرح ونفرح بها، حسناً يجب أن أنظر للجانب المشرق، دائمًا وأبدًا =) بالمناسبة، أمي لا زالت كما كانت، لا تنام قبل الشروق، تقول بأن نومها سيُفوّت عليها رِزقها، وأقول: الله لا يكتب لك الرزق لكي يمنعك إياه، بل كي يُمتّعك به، أو لربما يمتحنك، ماذا بعد؟ أخبرني عنكَ يا ابن أمي الغالي؟ كيف تقضي لياليك وأيامك؟ ماذ تأكل؟ ماذا تقرأ؟ ألا زلت تكتب الأشعار والقصص القِصار كلما مللت؟ أم صرت مثلي، أكتب حين أفرح، وحين أحزن، حين أملّ، وفي أوج استمتاعي، حين أشعر بالوحدة، وحين أتوسّط صخب الناس؟
-وتعود لتسرقني من الوقت والزمن، انشغلت بالكتابة لك عن قطار الساعة السابعة، لقد فاتني، لا عليك سألتحق بالقطار التالي، بعد نصف ساعة-
أتعلم يا صديق الروح؟ اشتقتُ إليك، أفتقدك، وكما نقول "مكانك خالي" فمتى تعود؟ متى تعود لتزيد الفرحة فرحة ولتضيء في أيامنا الشمعة تلو الشمعة؟ متى تعود كي نتشاجر كما كنا نفعل حين كنا صغارًا؟ أتذكر؟ حين ذهبنا لبيت الجيران وأمرتني أن أقطف الثمار من شجرتهم وحين فعلت ورأتني جارتنا التي لا تمل من الغضب هربتَ أنت وتعرضت لوحدي لضرباتها القاسية، أذكر أنني بكيتُ كثيرًا، وعدتُ إلى المنزل ورغبة تجتاحني بأن أوسعك ضربًا، لكنني رأيتك تبكي عليّ أكثر مما بكيتُ، ولم أضربك بل أحطتك بذراعيّ ومسحت دمعاتك الغالية بيديّ، كانت أيام جميلة، أعلم أنها لن تعود ولكنني أتطلّع إلى أيام أجمل، ومستقبل أفضل، أنتظر اليوم الذي سوف يجمعنا مجددًا بفارغ الصبر، أنتظره بكل الأمل والكثير من الدعاء، أدعو بأن يكشف الله ضرّك ويفكّ أسرك، ويرفع عنكَ ظلم مَن لا يخافه ولم يرحمك.
أخي، كُن قويًّا، لا تُبدد ثقتك وتعطيها لمن لا يستحقها، الله وحده أهل لها، لا تسجن نفسك حيث اعتقلوك، بل تحرر، وحرِّر، حرر عقلك، وعقول من هم حولك، كُن كيوسف حين دخل السجن فأحاله جنّة، وككاظم الغيظ الذي عاش ما عاش في السجن ولم يمنعه ذلك من الدعوة وهداية الناس، اصبر يا حبيبي، فمَن كتب لك هذا الاختبار يعلم أنكَ قادرٌ على تحمّله، فالله لن يحملك ما لا طاقة لكَ به، ثِق بذلك.. 
- جاء القِطار، سأودع الرسالة هذه في صندوق البريد علها تصلك بعد أيّام، كن بخير يا أخي الحنون وطمئِنّي عنك :') -

أختك المُحِبّة/ كوثر.

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...