الأحد، 21 مايو 2017

القراءة بلغة أجنبية (2)

ماذا استفدت من تجربة القراءة بالإنجليزية؟

بعد تجربتي الأولى، التي لم أجدها ناجحة تمامًا لم أكن متأكدة من أنني سأقرأ بالإنجليزية مرة أخرى. لكني تلقيتُ هدية من صديقتي وجود وكانت الهدية الرواية المعروفة الخيميائي/ The alchemist باللغة الإنجليزية، لم أُنهها بسرعة رغم قصرها، لم أفهم كل الكلمات لكنني فهمت معظمها وعند إنتهائي من قراءتها وجدت أنه بإمكاني القراءة بالإنجليزية، لِمَ لا؟
في إحدى رحلاتي في البحث عن كتاب على موقع Book despository رأيتُ كتاب "غولدا نامت هُنا" للكاتبة الفلسطينية سعاد العامري، وحين قرأتُ نبذة عن الكتاب عرفت أنه كُتِب بالإنجليزية وأن النسخة العربية ترجمها شخص آخر غير الكاتبة، فأردتُ شراء النسخة الإنجليزية كي أتعلم، ولأنه لديّ تجربة سيئة مع الرواية المترجمة "دموع القاتل" فقد كانت رائحة الترجمة تفوح في معظم كلمات الكتاب. ابتدأتُ بقراءة " Golda slept here" ، لم تكن الكلمات كلها سهلة، ترجمتُ ما احتجتُ لترجمته، قرأتها أسرع من سابقتيها فقد بدأتها في السادس من نوفمبر وأنهيتها في الخامس والعشرين من الشهر نفسه، تتكون الرواية من 208 صفحة. بعدها بدأتُ بملاحظة اتساع قائمة مفرداتي، صرتُ أسمع أحدهم يتحدث هنا وهناك وأتذكر أني قرأت هذه الكلمة لذلك أنا أعرفها، وأحيانًا أتذكر أنني قد سمعتُ بالكلمة الفلانية مُسبقًا لكنني لا أتذكر معناها، بعد الشرح أو ربطها بما قبلها وما بعدها أتعلمها وأحفظها.. أحببتُ المسألة :)
طلبتُ لي كتاب لا تُؤذِ/ Do no harm، وهو عبارة عن سيرة ذاتية أو مجموعة قصص كتبها جرّاح أعصاب بريطاني، المفردات الطبية صديقتي، لم تصعب عليّ قراءته وفهم كلماته، في البداية كنتُ بطيئة نوعًا ما ثم ابتدأ عندي ماراثون الإنسجام مع القصص حتى أنهيته بعد حوالي ثلاثة شهور، عدد صفحاته 278 صفحة.
بعد انتهائي من Do no harm ابتدأت بقراءة رواية White teeth/ الأسنان البيضاء، 448 صفحة، كانت أحداث الرواية تتأرجح بين أحداث مشوقة تجذبك وتدفعك لقراءة المزيد والمزيد من الصفحات، وأخرى تجعلك تتململ وتغلق الكتاب، لذلك لم أنهه بسرعة، استغرقت في قراءته تسعة شهور! -مع ملاحظة أنني لا أقرأ كتابًا واحدًا في نفس الوقت-
ولأنني أريد دفع نفسي للقراءة بالإنجليزية ارتأيتُ اقتناء رواية قواعد العشق الأربعون بالنسخة الأصلية، الإنجليزية The forty rules of love، أحببتها، جذبتني، وانسجمتُ في أحداثها، كنت سعيدة بها وبسرعتي في قراءتها وزيادة التركيز -أثناء القراءة بالإنجليزية- التي لاحظت أني اكتسبتها، أنهيتها بعد ثلاثة أسابيع، عدد صفحاتها 245 صفحة.
قبل فترة، كنت ذاهبة لمكتبة EMPIC، وهي مكتبة معروفة في بولندا، تبيع أدوات الفنية والرسم، البطاقات، المجلات، الكتب، القرطاسية، الأفلام...الخ، فجأة رأيتُ نفسي وسط الكتب الأجنبيّة، أُقلّب الكتب الإنجليزية بين يدي، سقطت بيدي رواية اسمها الفتيات/The girls، جذبني غلافها والنُبذة في الخلف فلم أقاوم شراءها، جذبتني الأحداث وطريقة الكتابة فصرتُ أقرأها وأقرأها وأقرأها، صرتُ أقاوم النوم كي أقرأها! لم أحتج للترجمة كثيرًا وأنهيتها في وقت قياسي بالنسبة إليّ، عشرة أيام! صفحاتها 432 صفحة وأوراقها صغيرة الحجم.
مؤخرًا، اقتنيتُ كتاب حليب وعسل/ Milk & honey وهو عبارة عن أشعار بالإنجليزية تقابلها ترجمتها بالبولندية، وهذا آخر ما قرأته بالإنجليزية وليس الأول بالبولندية ولن يكون الأخير.
بعد قراءة 8 كتب بالإنجليزية، فقط ثمانية كتب:
1. اكتسبتُ مفردات كثيرة
2. صارت قراءتي أسرع وحتى مذاكرتي، وازدادت قدرتي على التركيز أثناء القراءة -بالإنجليزية-
3. اكتشفت أنني ابتدأت متأخرة في القراءة بلغة تعلمتها منذ سنوات، فقررت ألا أفعل الشيء ذاته مع اللغة البولندية التي لا أتقن منها سوى القليل
لدي الآن: كتاب محادثة وقطع قصيرة إنجليزي/بولندي، كتاب حليب وعسل، معجم للأطفال بولندي/بولندي، قصة بالبولندية للأطفال، وكتاب قاموس مصور إنجليزي/بولندي.
سعيدة باستفادتي من القراءة، وبتطوير نفسي بنفسي وبطريقة ممتعة، وسعيدة أيضا بأنني أتدارك أخطائي أثناء تعلمي للإنجليزية الآن وأنا في طور التعلم الذي لا ينتهي للغة البولندية.
وجدت أن تجربتي تستحق التوثيق، كي أشجع المبتدئين في تعلم لغة ما، والذين يريدون تطوير أنفسهم لكنهم غير واثقين من قدرتهم على القراءة بالإنجليزية.

انقروا هنا لقراءةالجزء الأول

السبت، 20 مايو 2017

القراءة بلغة أجنبية (1)

المحاولات، والتجربة الأولى في القراءة بالإنجليزية

بدأتُ بتعلم اللغة الإنجليزية "رسميًا" حين كنتُ في الصف الأول المتوسط (السابع)، وقبلها كان هناك عدة محاولات لتعليمي هنا وهناك، إحداها كانت محاولة لأختي الكبرى: بتول، لا زلتُ أذكر التمارين التي كتبتها لي على ورقة مقتطعة من دفتر عادي، أحد التمارين كان إيصال الصورة بالكلمة/ أو الحرف.. لا أذكر بالضبط لكنني أذكر الصور فذاكرتي بصرية.
أذكر أنني حاولتُ أن أقرأ قصص الأطفال الإنجليزية من مكتبة أبي، لكنني لم أُفلِح، أو فلنقل أنني كنتُ أنتظر وحيًا سماويًا يترجم لي الكلمات التي لا أفهمها -وما أكثرها-. لذلك لا أذكر أنني قرأتُ كتابًا إنجليزيًا قراءة حقيقية في تلك الفترة.
سافرتُ للدراسة، في فترة اللغة كان يتوجب عليّ أن أبدأ بقراءة القصص الإنجليزية، أذكر أن أختي عقيلة أرتني الرواية الإنجليزية التي قرأَتها حين كانت تدرس في معهد اللغة، اسمها Anne of Green Gables، ونصحتني بقراءتها أو قراءة أي شيء باللغة الإنجليزية لكنني لم أفعل، وانتهيت من مرحلة اللغة والتحضيري ثم دخلت الجامعة ولم أقرأ أي كتاب إنجليزي خارج نطاق دراستي. حاولت لفترة أن أقرأ مقالات إنجليزية في تطبيق The free dictionary لكنني كنتُ سريعًا ما أتملل وأنهي القراءة.
إحدى المشاكل التي عانيتُ منها في بداية دراستي بلغة أجنبية أنني أحتاجُ وقتًا طويلًا في القراءة، حتى بعدما تجاوزت مرحلة ترجمة نصف الصفحة وصرت أفهم معظم الكلمات بقيتُ بطيئة في القراءة، مما سبب لي إحباطًا، فسُرعتي في القراءة بالعربية تفوق سرعتي في القراءة بالإنجليزية بست مرات على الأقل!
البدايات وما أدراك ما البدايات، بدايتي في القراءة باللغة الإنجليزية كانت بعدما ضللتُ الطريق في أحد باصات النقل العام في وارسو، نزلتُ من الباص باحثة عن مكان تألفه عيناي ولم أجد، المشكلة لم تكن "الضياع في شوارع العاصمة" وحده، المشكلة أن الجو كان باردًا وليس من مصلحتي التجوّل في الشوارع وحسب، كنت أمشي وأضحك على ضياعي في الجهة القديمة من المدينة وإذا بي أبصر متجرًا لبيع الكُتب، قلت لنفسي: سأدخل علّني أستدفئ قليلًا.
لما دخلت، تظاهرتُ أنني أبحث عن كتابٍ بين الكتب ووجدتني أمسك برواية إنجليزية اسمها snow/ثلج للكاتب التركي أورهان باموق، لم أكن أعرفه وقتها لكنني وجدتني متحمسة لقراءة الرواية، اشتريتها وعدتُ للمنزل.. بالتاكسي طبعًا، وكلي حماس للبدء بقراءتها وظننتني لن أطيل في قراءتها حيث أنها تتكون من 425 صفحة وأوراقها صغيرة الحجم. كنت وقتها مبتعدة عن القراءة حتى بالعربية، بدون سبب، لذلك لم تكن قراءتها سهلة كما ظننت، كنتُ أترجم كلمات كثيرة أول الصفحات، فهي غير مختصة بالطب كي تسهل عليّ مفرداتها، ثم نويت ألّا أترجم أية كلمة إلا في حال تكرارها لعدة مرات دون أن أفهمها من السياق. 
كانت روايتي الإنجليزية الأولى قصة ما قبل النوم بإمتياز، أستطيع أن أقول أنها ساعدتني على التداوي من الأرق تلك الفترة لأنني كلما فتحتها ظننتها كتابًا دراسيًا وغططتُ في نومٍ عميق. ثم.. ما نيّة عدم الترجمة تلك؟ إنني أقرأ، لا أفهم ثلث ما قرأته، أقرأ ببطء فلا أصل للصفحة العاشرة حتى أنسى ما حدث في الصفحة الأولى، أعود لقراءة عدة صفحات كنت قد قرأتها مسبقًا، أرجع لقراءة نفس السطور للمرة الثالثة، أضيع في القصة، أكملها لأنني بدأتها... انتهيت من القراءة بعد سنة كاملة من بدئها! لو كنتُ أقرأ نفس عدد الصفحات بالعربية لكنتُ أنهيتها في ثلاثة أو خمسة أيام.
لم تكُن تجربة ناجحة سأقول، لكنها ليست فاشلة أيضًا فهي التي مهّدت الطريق لتجاربي الأخرى، خرجتُ منها بفائدة واحدة واضحة وهي: صار بإمكاني المذاكرة -بالإنجليزية- بصوتٍ منخفض وبدون أن أُحرّك شفاهي.

حتى هنا انتهى الجزء الأول.
انقروا هنا لقراة الجزء الثاني

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...