الأحد، 18 سبتمبر 2016

عدسة مُكبِّرة وتساؤلات

اليوم سأحمل عدسة مُكبّرة وأوجهها لتصرفات تحدث يوميًا في مجتمعنا، وهي جزء من العادات والأعراف التي يفعلها مَن في المجتمع لأن الجميع يفعلها، هي أشياء بسيطة وصغيرة لكنني أرى فيها دلالات لأشياء أكبر، أرى فيها مساهمة في تهميش المرأة ومحوها، وأراها بقايا لفكر جاهلي يظن الكثيرون أنهم تخلصوا منه تماما. يظن البعض أنها أشياء تافهة، غير مهمة، ولا تستحق أن نُسلّط الضوء عليها أو نتناقش عنها، يؤمن آخرون بأنها أعراف جائرة على نصف المجتمع لكنه لا يجرؤ على العمل بعكسها كي لا يُصبح قضية رأي عام ويُشار له بالبنان ويُساء له ولسمعته. قبل أن أبدأ بالسرد والتساؤلات أود أن أُبيّن أنني حين أتكلم عن نقطة ما، لا أُعمِّم، قد تكون أنت لا تفعل ذلك، لكن هناك من يفعله..


- ماذا يعني أن تكون المولودة البِكر أُنثى، ويُكنَّى أبوها بإسمها حتى إذا صار لديه مولودٌ ذكر قدّم اسمه على اسم أخته الكبرى؟ ماذا يعني ألا يناديه أحد بإسم ابنته حتى وإن لم يرزق بولد ذكر... حتى وإن كانت هي وحدها نتاج زواجه، ينادونه بإسم ذكر ليس له وجود، لا يهم.. الأهم ألا يكنى بإسم ابنته
- ماذا يعني أنه لا يذكر الرجل اسم أمه/ أخته/ زوجته أمام الرجال؟ مالذي يمنعه من ذكر أسمائهنّ؟ ماذا يعني أن يدعو الناس لزواجه من فتاة لا يكتب اسمها في إعلان الزواج، كيف تعلن زواجك على نكِرة؟ كيف يكون إعلانًا أصلًا؟ أليس لـ (كريمة فلان) اسمٌ يدلُّ عليها؟ يتزوجها ثم يتحدث عنها بـ البيت/ الأهل/ أم فلان.. واسمها، اسمها يا هذا أين أخفيته؟
يقول: أنا أحبهنّ وأفتخر بهن لكن.. سيعيّروني بأسمائهن إن ذكرتها، وإن عيرك الآخرون بشيء لا تعده أنت عارًا أو عيبًا هل ستشعر بالعار فقط لأنهم اعتبروه كذلك؟ هذا لا يدل إلا على نقص في نفسك...
- ماذا يعني أن تمنع الفتاة من نشر صورتها التي هي هويتها الشكلية فقط لأنه: عيب، أو قد تكون أداة إبتزاز، أو... ثم إذا فازت بجائزة أو توصلت لإنجاز ترونهم رفعوا صورتها فخورين فرحين، وتراها وضعت صورتها سعيدة بما وصلت إليه.. نعم، جميل، جميل حين يكون لديكِ ما تفخرين به وجميل حين يفتخر بك الآخرون، ولكن... أين ذهب العيب والمجتمع والعُرف ووو...؟ أم أن كل المقاييس تغيرت بعد النجاح والإنجاز؟ وهل الوجه الذي انتشر الآن يختلف عن الوجه الذي قد ينتشر قبل وصولها لقمة ما؟ هو نفسه طبعًا.. إذا ما المانع الفعلي؟ ما هي جذور الفكرة التي بني عليها السماح لكشف الهوية بعد النجاح... وهل كانت قبل أن تنجح عارًا وعيبًا وشيئًا يخجل منه؟*

سيقول أحدهم: إنني أفعل ما أفعل بحكم العادة، وبحكم المجتمع، لم أقصد تهميشها أو التقليل من شأنها، لستُ حاملًا  للفكر الذي ذكرتيه، إنني أسلك مع الآخرين لا أكثر.
أقول: وهل تأملت في أفعالهم التي استنسختها قبل أن تفعلها أو بعدما فعلتها؟ هل وجدت سببًا عقلانيًا لإخفاء اسمها وصوتها وصورتها، لإخفاء هويتها؟ يا أخي، ربما لا تبصر ما أُبصِر، لكنني أرى أن الذي يخفي الهوية يُخفي الشخص لهذا يزعجني أننا وفي القرن الحادي والعشرين ننادي أن لا تمحونا لأننا بشر مثلكم. والآن، هل فكرتَ أن تفعل ما لا يفعله أبناء مجتمعك أو تمتنع عن عمل ما يعملون علّك توسّع أرض مجتمعك للنساء اللاتي يُحطن بك كما وسع لك كرجل؟

*(مدونة أخرى تحدثت فيها عن الصورة الشخصية)

هناك 4 تعليقات:

  1. العجيب أنهم يقتدون بنبيهم وزوجاته وبناته مضرب للمثل، ويذكرون أسمائهن في خطب الجمعة والدروس الدينية في المدارس وغيرها. هم يعرفون السيدة مريم والسيدة خديجة وفاطمة الزهراء عليهم سلام الله ولكن تتوقف ادمغتهم عن التفكير وبلورة الأمور وينصاعون للعادات والتقاليد.
    نعم هو وأد للمرأة -وإن كانت حية- بطريقة القرن الواحد والعشرين!

    ردحذف
  2. you deserve to be happy

    ردحذف

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...