تذهب لعملك في مدرسة الحي، فترى أم أحد الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة قادمة مع ابنها، كعادتها كل صباح توصله ولا تُغادر حتى تراه سعيدًا مرتاحًا وتطمئن عليه، تعلم أنها تهتم كل الاهتمام بإبنها رغم تحبيط الآخرين لها وحديثهم عنها بسوء وتصرفاتهم اللا إنسانية مع ابنها من الضحك عليه والاستهزاء بما به، يعجبك اهتمامها بإبنها "المختلف"، تودّ لو تخبرها بذلك، لكنك لا تفعل.
فارس، ابن الجيران، الطبيب الذي يأتي من عيادته، يتجاهل تعبه وإرهاقه ليبدأ بتعليم إخوته الثلاثة، والذي إن طلبت منه أي شيء ستطلبه وأنت واثقًا من أنه لن يردك، يعجبك حرصه على مصلحة مَن يحب وإسعاد من حوله، تودّ لو تخبره بذلك، أو تُبيّن له، لكنك لا تفعل.
أختك، الطالبة في كلية الطب، والتي تقضي نصف يومها الأول بين أروقة الجامعة والمستشفى ونصف يومها الثاني في مساعدة والدتك في المنزل وقضاء حوائجك أنت وإخوتك، والمذاكرة و.. بعض النوم، يُعجبك تفوّقها وتميّزها رغم كل هذه الظروف، لكنك لم تقل لها ذلك.
صديقك في برامج التواصل الاجتماعي دومًا ما ينفعك دون أن يدري، تستفيد من المنشورات على حائطه، لكنك لا تشكره على ذلك ولا حتى بكلمة طيّبة.
لم تبح يومًا بمشاعرك الجميلة تِجاه أي شخص أو أي فعل سامٍ، ربما لأنك لا تعرف بأن "الكلمة الطيبة صدَقة" وبأنك قد تُدخل أكثر من السرور لقلب مَن يسمع كلماتك، ربما زرعتَ العزيمة في قلب ضعف فأوشك على الاِنسحاب، ربما سقيت نفسًا ذابلة، وحفّزتَ مَن فشل لينجح، جرّب أن تُحسن لمَن حولك بلسانك (وإن لم تستطع فبقلمك)، قُل لهم: شكرًا، أبدِ إعجابك بما فعله/ قاله أحدهم، حفّز من حولك، قُل كل جميل، وانشر الحُب والسعادة، اصنع الابتسامة على الشفاه البائِسات، جرّب ذلك.. صدقني، ستَسعَد =)