الجمعة، 20 أغسطس 2021

عن قيمة الامتنان




قبل ثلاث سنوات تقريبًا، قررت أن أجعل للامتنان مساحة في حياتي، في البداية، خصّصتُ له دقائق ما قبل النوم، وفيها أسرد كل نِعم يومي، العادية والمميزة، من الفطور اللذيذ، والماء النظيف، مرورًا بنعمة الإنترنت وخير التواصل الاجتماعي حتى آخر نعمة في يومي، مع الوقت، أصبح عقلي يمارس تعداد النِعم دون أن أُخَطّط لذلك:
حين أخرج للمشي لبضع دقائق، أجدني أبدأ بتعداد النِعَم من حولي، سماء جميلة، أشجار خضراء، أُرجوحة قريبة من بيتي، قُدرَتي على المشي، وعيني التي تُبصر الجمال، ألف الحمد لله.. أُردّد، ألف الحمد لله.

صار عدم النجاح في اختبار ما أو مقابلة وظيفة سببًا للامتنان لفرصة الاستعداد المضاعفة.

صار المرض فرصة لأتذكر نعمة الطبيب الجيد، وتوفر المال والدواء، والأخت التي ترعاني وتهتم بي، والأهل والأصدقاء الذين يحيطوني بأدعيتهم ودعمهم اللا محدود.

صار توديع الأحبة في المطار، وإن كان مُبلّلًا بالدموع، فرصة لتذكر نعمة أن استطعتُ لقاءهم ولو سريعًا، أنهم لا زالوا على قيد الحياة، أنهم موجودون، أنني.. مُحاطة بالأحباب.

كغيرنا من العائلات، خسرنا عددًا من أحبّتنا تِباعًا، كان الفرق بين الفقد والآخر عدة أسابيع، الحزن عميق عميق.. يعصر القلب والروح، الشوق، الحنين، الألم.. كلهم كانوا في أوجِهم. لكنني وبالرغم من كل شيء، كنت مُمتنّة، نعم كان الامتنان حاضرًا منذ لحظة تلقّي نبأ رحيلهم! ممتنة لأنني مدركة أنني لم أؤذِ أحبتي في حياتهم وأن قلبي وقلوبهم لم يكنّوا إلا الحب تجاه الآخر، ممتنة لأنني كنت أرى لنفسي قيمة لديهم، أراني مختلفة.. مميزة في أعينهم، ممتنة لأن ذكرياتي مع ابنة خالتي كانت سببًا في أن أضحك من أعماق قلبي حين عدتُ لمحادثاتنا على الواتس آب ليلة أن نامت هي في ثلاجة الموتى!

وجدتُ كيف أن الامتنان جعل الأيام الصعبة أخف، والمشكلة الكبيرة أصغر، وجعلني أُبصِر الخير في دُنياي بوضوحٍ أكثر. لمستُ كيف يجعل الاِمتنان روحي أكثر اِستقرارًا مهما عصفت الدُنيا من حولي، نعم كانت هناك مشاعر أُخرى طبيعية.. إلى جانب الاِمتنان الذي زرعتهُ زرعًا في عقلي، كان هناك الخوف، والحزن، والقلق، والندم، واللوم... والكثير الكثير من المشاعر التي لا أريد التخلص منها لأنها ما تجعلني بَشَرًا، لكن هناك الامتنان أيضًا الذي خفف من كل الأثقال والصعوبات، وأنا والله مُمتنّة لذلك 💖

أخبروني، هل جرّبتم سِحر الاِمتنان؟ وإلى ماذا أنتم مُمتنّون هذا اليوم؟

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...