الخميس، 1 أكتوبر 2015

صورتي الفوضويّة ومعناها



قبل سنة من الآن، غيرت صورتي الشخصية في كل مواقع التواصل الاجتماعي للصورة أعلاه، بعد فترة سألت متابعيني في برنامج الآسك عما يفهمونه منها وكانت معظم الإجابات بعيدة عن المعنى الذي أقصد، اليوم قررت أن أكتب هذه المدونة لشرح مقصدي.
في البداية، انظروا إلى الرسمة، ماذا ترون بالضبط؟ تاج، يدين كغصني شجرة، و"شخبطة عشوائية" تمتد من أسفل التاج حتى نهاية الرسمة. هذه الرسمة يا رفاق تتحدث عن نساء يعشن بيننا، ندعوهن بالملكات وحياتهن أبعد ما تكون عن حياة الملكات.. للأسف. *2
حين رسمت الرسمة لم أكن أفكر سوى في شيء واحد، مقولة البعض: هي ملكة إذن لا تشارك صورها في مواقع التواصل الاجتماعي.
تضع الفتاة صورتها فيسألها أبوها/ أخوها/ زوجها/ شاب ما: لماذا وضعتِ صورتكِ؟ ماذا تعنين بذلك؟ ترد الفتاة: وهل سألتَ نفسك ذات السؤال حين وضعت صورتك؟ ثم.. أنت أيضًا أخبرني ماذا أردت بوضع صورتك؟
- لم أسأل نفسي شيئًا، الأمر معتاد، شاب ووضع صورته هل هناك من مشكلة؟ لا إشكال، ثم.. أنا شاب أنا أختلف عنكِ لا مجال للمقارنة
* تضحك ساخرة وترد: بماذا تختلف عني يا سعادة الذكر؟
- أوووه أشياء كثيرة، أنتنّ البنات، صوركن فِتنة، وجوهكن عورات يجب ألا يراهنّ أحد، والأهم، أن صوركنّ أداة ابتزاز فلِم تجلبن لأنفسكنّ مشاكل أنتنّ في غنى عنها
* وجهي هويتي يا هذا، كما أن بوجهك يستدل الناس عليك، هذا أولًا، ثانيا، أنتم أيضا مشروع فتنة، نحن خُلِقنا هكذا، بنجذب الشاب للفتاة وتنجذب الفتاة للشاب... ولكن، هذا الانجذاب/ الافتتان لا يكون دائمًا سيد المواقف، وأيضا... لو أقلقك جمال فتاة، ببساطة.. أبعد عينيك عنها :) وأخيرًا وليس آخِرًا، الابتزاز الذي تخوفني به ستقلّ نسبه لو صارت صورة المرأة "شيئًا مُعتادًا" ومقبولا.. لو عوقب الجاني لا الضحية، لو كان هناك قانونًا "اجتماعيًا" ينظر للمبتز باستصغار، ينظر له كمجرم.. كمخطئ، لو كان المجتمع لا ينفر من الضحية، لا يعاقبها على خطأ لم ترتكبه، لا يعاملها وكأنها هي المجرمة، لو... لكانت حالات الابتزاز أقل بكثير *3
انتهى الحوار.

هي مسألة ضمن مسائل من التهميش والتصغير ومعاملتها كناقصة وغير واعية وغير راشدة وغير كفؤ، هناك أمور أخرى أكبر من مجرد وضعها لصورتها، هي لا تملك أن تفعل شيئًا دون إذن من ذكر وصي عليها، هي لا تملك أن تفعل شيئًا لا يعجب ذكور مجتمعها/ يؤذي ذكور مجتمعها/ يجبر ذكور مجتمعها على الجهاد ضد أنفسهم.. المسألة أكبر من صورة هوية، أكبر...
قبل أن أختم، لديّ ثلاث ملاحظات:
1. لم أرد التطرق للناحية الشرعية وآراء العلماء في أي جانب من الجوانب المذكورة أعلاه، فالعلماء يختلفون في فهمهم واجتهادهم للكثير من المسائل والأمور، ففي الحجاب مثلًا، هناك من يعتقد بأنه يجب أن لا يظهر أي جزء من جسد المرأة وإذا استدعى الأمر فلها أن تظهر عينًا واحدة كي تتمكن من رؤية الطريق، وهناك من يرى أن الحجاب ليس فرضًا من الأساس وبالطبع هناك آراء واجتهادات أخرى في هذا الموضوع ولكلٍ أدلته وبراهينه التي يرجع إليها
2. شكرا مقدما لعدم تذكيري بأن هناك فئات آخرى من النساء في مجتمعنا، نعم أعلم بذلك وأنا هنا أخص الحديث عن فئة معينة فمن ترى صفات هذه الفئة فيها فهي مَن سلطت عليها الضوء في الرسمة ومن تجد نفسها مختلفة فلم أقصدها بشيء :)
3. أعلم، هناك حالات ابتزاز تكون فيها الضحية شريكة في الجريمة كونها هي من بدأت وأرسلت صورتها للجاني الغريب عنها، غير المستحق للثقة. ولكن هناك حالات أخرى لسرقة صور الفتاة، اختراق جهازها، سرقة جهازها، تعاون فتاة أخرى مع الجاني...الخ

أخيرًا، هو موضوع واحد أردت أن أتطرق إليه من مواضيع عديدة يظلم فيها المجتمع المرأة التي يصعب عليها المطالبة بحقوقها أو حتى ممارسة ما تريد/ ما يحق لها أن تفعله دون أن تصبح قضية رأي عام.

- إذا أعجبتك رؤيتي لهذه الـ"قضية" وأردت فعلًا أن تكون مشارِكًا في التغيير، قم بمشاركة هذا المقال مع مَن تحب/ أو اكتب مقالًا مشابهًا.. وإن أردتِ أن تتخذي ردة فعل وتكوني جزء من التغيير فبادري -دون تسرّع- :)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...