الأحد، 11 يناير 2015

بُح بما تشعر


تجلس على الكرسي الخشبي، تأكل بعض الحلويات وتنظر حولك، تتأمل في الطبيعة، ترى أجناس الناس، أطفالًا يمرحون، أصدقاء يتبادلون النكاتِ ويضحكون، عاشقين يتبادلان النظرات والكلمات الدافئة، رجل أصبح طفلًا أمام أمه التي جلبها كي تتنزّه، تُعاود نظرك للطبيعة وجمالها، أشجار وأزهار وورود بشتى الألوان والأحجام، تعود بنظرك للابن الذي جاء مع أمه، تراها تضحك معه، تودّ لو تذهب إليه وتقول إليه بأنك معجبٌ بما رأيت منه من اهتمامه بأمه وإسعادها، لكنك لا تفعل.
تذهب لعملك في مدرسة الحي، فترى أم أحد الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة قادمة مع ابنها، كعادتها كل صباح توصله ولا تُغادر حتى تراه سعيدًا مرتاحًا وتطمئن عليه، تعلم أنها تهتم كل الاهتمام بإبنها رغم تحبيط الآخرين لها وحديثهم عنها بسوء وتصرفاتهم اللا إنسانية مع ابنها من الضحك عليه والاستهزاء بما به، يعجبك اهتمامها بإبنها "المختلف"، تودّ لو تخبرها بذلك، لكنك لا تفعل.
فارس، ابن الجيران، الطبيب الذي يأتي من عيادته، يتجاهل تعبه وإرهاقه ليبدأ بتعليم إخوته الثلاثة، والذي إن طلبت منه أي شيء ستطلبه وأنت واثقًا من أنه لن يردك، يعجبك حرصه على مصلحة مَن يحب وإسعاد من حوله، تودّ لو تخبره بذلك، أو تُبيّن له، لكنك لا تفعل.
أختك، الطالبة في كلية الطب، والتي تقضي نصف يومها الأول بين أروقة الجامعة والمستشفى ونصف يومها الثاني في مساعدة والدتك في المنزل وقضاء حوائجك أنت وإخوتك، والمذاكرة و.. بعض النوم، يُعجبك تفوّقها وتميّزها رغم كل هذه الظروف، لكنك لم تقل لها ذلك.
صديقك في برامج التواصل الاجتماعي دومًا ما ينفعك دون أن يدري، تستفيد من المنشورات على حائطه، لكنك لا تشكره على ذلك ولا حتى بكلمة طيّبة.

لم تبح يومًا بمشاعرك الجميلة تِجاه أي شخص أو أي فعل سامٍ، ربما لأنك لا تعرف بأن "الكلمة الطيبة صدَقة" وبأنك قد تُدخل أكثر من السرور لقلب مَن يسمع كلماتك، ربما زرعتَ العزيمة في قلب ضعف فأوشك على الاِنسحاب، ربما سقيت نفسًا ذابلة، وحفّزتَ مَن فشل لينجح، جرّب أن تُحسن لمَن حولك بلسانك (وإن لم تستطع فبقلمك)، قُل لهم: شكرًا، أبدِ إعجابك بما فعله/ قاله أحدهم، حفّز من حولك، قُل كل جميل، وانشر الحُب والسعادة، اصنع الابتسامة على الشفاه البائِسات، جرّب ذلك.. صدقني، ستَسعَد =)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...