الاثنين، 25 ديسمبر 2017

ما دُمنا قادرين على الطيران فلماذا نحبس أنفسنا في قفص؟

أتساءل، ما الذي يربط الإنسان رباطًا قويًا بقطعة من اليابسة لا يريد أن يتركها أو يبتعد عنها، رغم أنه غير مستقر فيها. وأعني باللا استقرار هنا أي نوع من عدم الشعور بالأمان، مثل أن يكون فمه مُكمّمًا فلا يمكنه قول ما يريد لأن لكلماته ثمنًا باهضًا، أو أن يعيش وسط مجتمعٍ يريد أن يقرر عنه ويخطط عنه ويرفضه إن اختار لونًا مختلفًا لحياته، أو أن لا يجد عملًا شريفًا يكفيه عن سؤال هذا وذاك بسبب الحاجة لملبسٍ أو طعام.
أعتقد أننا لم نُخلَق لنعيش على نفس الأرض التي وُلِدنا عليها، ونظل وسط نفس الناس الذين توسطناهم ونحن في القماط. أعني أن هذا ليس الهدف الرئيسي للحياة، أعلم.. وأدرك تمامًا أن الإنسان يستأنس بالناس وأن الأهل والأصدقاء إذا ما كانوا قريبين من الروح فهم نورٌ يضيء لنا الطريق وهم سندٌ لنا حين تعصف بنا الأقدار، وهم عصانا التي نتوكأ عليها... أعرف هذا كله، ونعم.. جربتُ مرارة الشوق ولوعة الفراق وألم الفقد، لكنني أبقى مقتنعة -في هذه الفترة من حياتي- أننا لم نخلق لذلك.
رأيت كيف يشعرنا التعلق بالأرض والناس أننا قليلو حيلة وأننا لا نملك حظًا جيّدًا وأننا "كُتِب علينا الشقاء"... وأكثر من هذه المشاعر السوداء، لذلك أجد أننا لو تخلصنا من قيد التعلق لحلّقنا في دنيا الله وأوجدنا لأنفسنا أيامًا أجمل، أو... لحاولنا على الأقل، لعرفنا ما الذي يناسبنا وما الذي لا يناسبنا، ما الحلم الذي يستحق أن نحققه لأنه سيحسّن من حياتنا وما الحلم الذي يجب أن نتخلى عنه لأنه لن يغير شيئًا، لعرفنا أنفسنا أكثر، لعشنا حقًا... ففي السعي لتحقيق ما نحلم طمأنينة مخلوطة بحماس وخوف وفي ذلك الشعور بالحياة، أما مجرد التمني بقلبٍ مقيد بالتعلق فلا يجلب سوى الاضطراب وعدم الراحة.
كتبتُ ذات مرة قبل أن أنام: تخيل لو أنك خُلِقت بجذورٍ لا قدمين، كم سيكون سعيك صعبًا... إن كان بالإمكان، لكنك الآن وأنت تملك قدمين لا تسير حيث تريد.... وتريد أجنحة؟

فلنتذكر دائمًا أن الوقت الذي نقضيه في ندب حظنا/ في محاولة تغيير واقعنا، الأيام التي تمضي ونحنُ عالقين في نفس الحفرة متخيلين أن جذورنا لن تنمو خارجها/ ونحنُ نحاول تعويد أنفسنا على العيش في ظروف أخرى ستساعدنا في تحسين حياتنا، السنين التي نخسرها بالمحافظة على الأغلال في أيدينا وأرجلنا/ السنوات التي نكسبها بالعمل والسعي خلالها، لحظات الخوف، لحظات القلق، لحظات الحب، لحظات الطمأنينة، الشجار/ الوِفاق، التعب، الراحة، السعي، الوقوف، التقوقع، الإنفتاح، الاستماع، التحدث، الهروب، المواجهة.... كل هذه الأوقات وهذه اللحظات هي جزء من عمرنا، من كل عمرنا.
وإن قضاء عمري في السعي والبحث ومحاولة التغيير/ التعايش لهو أحب إلي من الوقوف والجمود وندب الحظ دون السعي لتغييره -إن استطعت-.

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...