الأربعاء، 21 مايو 2014

الشبح

إنه السبت، الرابع من شهر أيّار، جلستُ على طاولة المذاكرة وانهمكتُ في قراءة كتابي الجامعيّ وكتابة ملاحظاتي وتلخيصاتي على ورقة جانبيّة، بينما أنا كذلك إذ يُطِل عليّ شبحٌ مخيف! كلما اقترب مني كُلما كبُر حجمه، شغلني به عن استذكار دروسي، نسيتُ الكتاب والكِتابة، تأمّلته، أنصتُّ إليه، استطاع أن يغزو عقلي وفِكري خلال دقائق معدودة، غافَلَني وسحب كتابي الذي أمامي! أخذ مني وقتي الذي لا يُستَرَدّ، أخذ مني كل ما أمامي ولم يرحل، وأنا.. لم أنهره، لم أطرده، لم أفعل!

في اليوم التالي...
استبدلتُ ملابسي بملابس مريحة تتناسب ووقت النوم، فرّشتُ أسناني، اطفأتُ الأنوار وتوجّهتُ ناحية سريري كي أنام فزارني ذات الشبح! سلب فِكري وتركيزي، سلب مني النُعاس والنوم، وأنا واقفة أمامه، مستسلمة له، لم أنبس ببنت شفة! لم أُبعِده، لم أطرده، بل استمعتُ باِهتمامٍ إليه وهو يُردد: إنها الثانية عشرة، يُؤسفني أن أخبركِ أن سبع ساعات لن تكون كافية لترتاحي وتستعيدي نشاطكِ، لن تكون سبع ساعاتٍ حتّى، بوجودي قد تصير ثلاث، ساعتين، لا شيء وأخذ يُقهقه وأنا أتأمله بخوف واستسلام. وبالفِعل، لم أنَم سوى ثلاث ساعات ذهبتُ بعدها لحضور محاضراتي الجامعيّة وكلي تعب ونُعاس.

وبعد عِدّة أيّام...
للتو أغلقت الهاتف، أجريتُ مكالمةً مع صديقتي لجين، قالت بأنها ستطبخ طبَقِي المُفضّل في الغد وتريدني أن أذهب إليها كي نتشارك وجبة الغداء، كم أنا سعيدة ومُتشوّقة للقائها وَ... يا إلهي! إنه الشبح، مُجدداً، جاءني يختالُ في مشيته، يزيد في ضحكته، يتحدث بنبرة حادّة قائلاً: يااه، أمامكِ الكثير لتُنجِزيه قبل الذهاب لصديقتكِ، فمتى ستنامين ومتى ستصحين ومتى ستستعدين للذهاب وتذهبين؟ أووه نسيتُ أيضاً - يضحك، يضحك، يضحك - أنتُنّ النساء - يضحك مُجدداً - ماذا ستلبسين وبأي العطور ستتعطرين وأي كحل أو أحمر شفاه أو.. أو..؟ أمامكِ مسير طويل قبل أن يحين وقت ذهابكِ للجين

.

الشَبَح، ليس إلا قلقاً، القلق الذي يُسيطِر علينا، يسلب منا أوقاتنا، يُبعثِر قدراتنا، يحرمنا من الإنجاز والنجاح، كلما استسلمنا له ولرفاقه :الخوف، التشاؤم واليأس، كلما فشلنا، لا يجب علينا أن نُقابِل القلق بوجهٍ شاحِب ونظرات مستسلمة وقوىً خائرة، بل يجب علينا أن نُحاربه ونتغلّب عليه، بالتوكّل، بالأمل والعمل والعملِ والعمل، العمل خير قاتلٍ للقلق وإخوته، اِعمل لنيل ما يتحدّاك القلق ويخبرك بأنك غير قادر على أخذه والوصول إليه وستصل إليه بإذن الله :)

هناك 5 تعليقات:

  1. هذه هي التدونية الأولى و الوحيدة التي قرأتها لكِ
    لكن من الواضح أنكِ تمتلكين أسلوباً لشد القارئ و تستطيعين إيصال فكرتكِ بكلمات بسيطة و جميلة دون تكلف

    ردحذف
  2. أسلوب مشوِّق في طرح الموضوع..

    دُمْتِ..

    ردحذف

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...