الأربعاء، 26 يونيو 2013

مُتّشِحة بالسَواد

مُذ كنتُ صغيرة و أنا لا أُحبّذ لبس الملابس السوداء فهي كما اعتدنا رمز للحُزن.. وَ دليل الحداد هو لبس السواد. إن لم تخنّي ذاكرتي، أنا لم أمتلك سِوى قميص أسود يتيم وَ كنزة، وَ بنطال يتيم أيضاً لأنني كنتُ أظن بأنني لن أحتاج لأكثر من ذلك لمناسبات السنة كاملة، حيث أطول مناسبة للحداد هي أيام محرم العشرة التي اخترت منها ٤أيام فقط للبس الأسود.

و لأن الأسود ذاك غيرني، جعلني أكبر لسنوات عديدة في شهر واحد... جعل قلبي القاسي رقيقاً... جعل مني كومة حزن مُتنقّلة... كومة الحزن تلك التي لم تخرج من دوامة الموت وَ الفقد وَ الألم بعد وَ قد دخلت في سفر الغُربَة، الهجرة، المنفى إن أردتم أيضاً... غيّرتني، صيّرتني سندس أخرى، لا أود تذكرها الآن ") . كومة الحزن هي نفسها اقتلعتني من كوني أنا الأخرى إلى أنا الجديدة... لستُ أنا قبل الأسود وَ الفقد وَ لستُ أيضاً تلك التي حاولت الهروب من الحزن فجذبها إليه... أنا الجديدة وَ فقط =") . لأجل كل ذلك، لأجل المتاهة التي دخلتها وَ المنعطف الذي غيّر حياتي وَ الألغاز التي يكادُ القاريء يتوه في تفسيرها... لأجل ذلك تغيّر فهمي للأسود وَ الاِتّشاح به.

الآن... للأسود في حياتي نكهة خاصة، نكهة ناعي الحُسين وَ مُنتظِر المهدي ( عليهما السلام )، نكهة مَن استعد لآخرته بإستجابته لنداء إمام مذهبه " أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا " ، نكهة مَن دعا حين بكَى وَ بعد ذلك هنِىء بإستجابة ذلك الدعاء، نكهة روحانية مجالس الحُسين وَ جد الحُسين وَ أم الحُسين وَ أب الحُسين وَ أخ الحُسين وَ أبناء الحُسين ( عليهم السلام ) وَ أحباب الحُسين وَ أنصار الحسين..... ياااه ما أجملها من مجالس، نختصر مُسمّياتها بإسم " مجلس الحُسين " . تلك المجالس التي لا يفهم معناها مَن لم يعرف الحُسين وَ آل الحُسين.. الحُسين الذي أحببناه حُباً لرسول الله وَ استجابة لأحاديثه ( صلى الله عليه وَ آله ) كحديث : " حُسين مني وَ أنا من حسين، أَحبّ الله من أحبّ حُسيناً " .




أفهمتم الآن لِمَ تغير مفهومي للأسود؟ لأن الحزن الذي جعلني اتّشِح بالسواد هو ذاته الذي جذبني لمُخلّصي من أي ألم، أي عذاب، أي حالة فقد، أي حالة عُجب، أي حالة تعجّب، أي حالة انكِسار، أي ضياع، أي تشتت... أي هم أو غم.. الحزن وَ ليالي البُكاء جعلاني أتشبّث أكثر بطوق النجاة الإلهي، جعلاني أُبصِر حنان الله علينا وَ قربه منا مهما ابتعدنا.. جعلاني أقترب أكثر و أكثر من أولياء الله مَن هم وسيلتنا إليه.. العين الدامعة حين تقرّبني من الحُسين أقترب من رب الحُسين لا إرادياً وَ كأن حبيبي حُسين كلما أبصر يدي ممدودة تجاهه تلتمس العون وجّهها إلى الله، وَ كأن الحسين كلما رآني أشكو له همي ناداني أن خاطبي الله وَ بثيه همّكِ وَ شكواكِ ♥ =")

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...