السبت، 20 مايو 2017

القراءة بلغة أجنبية (1)

المحاولات، والتجربة الأولى في القراءة بالإنجليزية

بدأتُ بتعلم اللغة الإنجليزية "رسميًا" حين كنتُ في الصف الأول المتوسط (السابع)، وقبلها كان هناك عدة محاولات لتعليمي هنا وهناك، إحداها كانت محاولة لأختي الكبرى: بتول، لا زلتُ أذكر التمارين التي كتبتها لي على ورقة مقتطعة من دفتر عادي، أحد التمارين كان إيصال الصورة بالكلمة/ أو الحرف.. لا أذكر بالضبط لكنني أذكر الصور فذاكرتي بصرية.
أذكر أنني حاولتُ أن أقرأ قصص الأطفال الإنجليزية من مكتبة أبي، لكنني لم أُفلِح، أو فلنقل أنني كنتُ أنتظر وحيًا سماويًا يترجم لي الكلمات التي لا أفهمها -وما أكثرها-. لذلك لا أذكر أنني قرأتُ كتابًا إنجليزيًا قراءة حقيقية في تلك الفترة.
سافرتُ للدراسة، في فترة اللغة كان يتوجب عليّ أن أبدأ بقراءة القصص الإنجليزية، أذكر أن أختي عقيلة أرتني الرواية الإنجليزية التي قرأَتها حين كانت تدرس في معهد اللغة، اسمها Anne of Green Gables، ونصحتني بقراءتها أو قراءة أي شيء باللغة الإنجليزية لكنني لم أفعل، وانتهيت من مرحلة اللغة والتحضيري ثم دخلت الجامعة ولم أقرأ أي كتاب إنجليزي خارج نطاق دراستي. حاولت لفترة أن أقرأ مقالات إنجليزية في تطبيق The free dictionary لكنني كنتُ سريعًا ما أتملل وأنهي القراءة.
إحدى المشاكل التي عانيتُ منها في بداية دراستي بلغة أجنبية أنني أحتاجُ وقتًا طويلًا في القراءة، حتى بعدما تجاوزت مرحلة ترجمة نصف الصفحة وصرت أفهم معظم الكلمات بقيتُ بطيئة في القراءة، مما سبب لي إحباطًا، فسُرعتي في القراءة بالعربية تفوق سرعتي في القراءة بالإنجليزية بست مرات على الأقل!
البدايات وما أدراك ما البدايات، بدايتي في القراءة باللغة الإنجليزية كانت بعدما ضللتُ الطريق في أحد باصات النقل العام في وارسو، نزلتُ من الباص باحثة عن مكان تألفه عيناي ولم أجد، المشكلة لم تكن "الضياع في شوارع العاصمة" وحده، المشكلة أن الجو كان باردًا وليس من مصلحتي التجوّل في الشوارع وحسب، كنت أمشي وأضحك على ضياعي في الجهة القديمة من المدينة وإذا بي أبصر متجرًا لبيع الكُتب، قلت لنفسي: سأدخل علّني أستدفئ قليلًا.
لما دخلت، تظاهرتُ أنني أبحث عن كتابٍ بين الكتب ووجدتني أمسك برواية إنجليزية اسمها snow/ثلج للكاتب التركي أورهان باموق، لم أكن أعرفه وقتها لكنني وجدتني متحمسة لقراءة الرواية، اشتريتها وعدتُ للمنزل.. بالتاكسي طبعًا، وكلي حماس للبدء بقراءتها وظننتني لن أطيل في قراءتها حيث أنها تتكون من 425 صفحة وأوراقها صغيرة الحجم. كنت وقتها مبتعدة عن القراءة حتى بالعربية، بدون سبب، لذلك لم تكن قراءتها سهلة كما ظننت، كنتُ أترجم كلمات كثيرة أول الصفحات، فهي غير مختصة بالطب كي تسهل عليّ مفرداتها، ثم نويت ألّا أترجم أية كلمة إلا في حال تكرارها لعدة مرات دون أن أفهمها من السياق. 
كانت روايتي الإنجليزية الأولى قصة ما قبل النوم بإمتياز، أستطيع أن أقول أنها ساعدتني على التداوي من الأرق تلك الفترة لأنني كلما فتحتها ظننتها كتابًا دراسيًا وغططتُ في نومٍ عميق. ثم.. ما نيّة عدم الترجمة تلك؟ إنني أقرأ، لا أفهم ثلث ما قرأته، أقرأ ببطء فلا أصل للصفحة العاشرة حتى أنسى ما حدث في الصفحة الأولى، أعود لقراءة عدة صفحات كنت قد قرأتها مسبقًا، أرجع لقراءة نفس السطور للمرة الثالثة، أضيع في القصة، أكملها لأنني بدأتها... انتهيت من القراءة بعد سنة كاملة من بدئها! لو كنتُ أقرأ نفس عدد الصفحات بالعربية لكنتُ أنهيتها في ثلاثة أو خمسة أيام.
لم تكُن تجربة ناجحة سأقول، لكنها ليست فاشلة أيضًا فهي التي مهّدت الطريق لتجاربي الأخرى، خرجتُ منها بفائدة واحدة واضحة وهي: صار بإمكاني المذاكرة -بالإنجليزية- بصوتٍ منخفض وبدون أن أُحرّك شفاهي.

حتى هنا انتهى الجزء الأول.
انقروا هنا لقراة الجزء الثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رُكنِي الدافِئ

هذه التدوينة نتيجة إلهام من منشور الصديقة فاطمة الزهراء 💖 حين سألَت عن شعورنا تجاه غُرفنا وهل نعتبرها مساحة آمنة نحبها ونرتاح فيها أم ننفر...